في لقاء للرئيس الراحل محمد حسني مبارك رحمه الله، مع الأستاذ عماد الدين أديب، تحدث الرئيس عن محاولة اغتياله في أديس أبابا، خلال زيارته أثيوبيا لحضور مؤتمر القمة الأفريقية، حيث يروي حادثة إطلاق النار على موكبه في طريقه من المطار.
حيث يقول بعد مئتي متر من مغادرتي المطار، اعترض موكبي سيارة فان زرقاء، وكان هناك مسلحون على الأرض، فطلبت من السائق العودة مباشرة للمطار، وقال عن المتسبب في الجريمة، كنا نعلم أن بن لادن وجماعته متواجدون في الخرطوم، ونعلم أنهم يرسلون الإرهابيين للقيام بعمليات في الصحراء.
هذه العملية تأتي ضمن خمس محاولات استهداف للرئيس، كان يقف وراءها تنظيم القاعدة وجماعة الجهاد، وعملية في مرسى مطروح وقفت وراءها الجماعة الإسلامية.
وبالطبع اغتيل قبله الرئيس أنور السادات، من قبل خالد الإسلامبولي والذي تسمي إيران شارعا باسمه، في حادثة معروفة سميت بحادث المنصة.
اليوم نستذكر عمليات الاغتيال في مصر، مع محاولة اغتيال عبدالله آدم حمدوك رئيس وزراء الحكومة الانتقالية في السودان، والذي يمثل الوجه المدني لما بعد نظام البشير.
الإخوان المسلمون وكما في كل مكان أخذوا فيه بعضا من السلطة، لا يعتبرون الديمقراطية إلا تذكرة باتجاه واحد، ثم يتحول الصندوق لتابوت لدفن التداول السلمي للسلطة، فعندما تنحى مبارك، كانت الديمقراطية جميلة، وعندما خشيوا من فوز شفيق ملأوا الساحات وهددوا بحرق البلد.
وحين خرج الملايين مجددا لإسقاط حكمهم، أصبحت الثورة الشعبية عداء للديمقراطية، ورفض مرسي ومن يأمره إجراء انتخابات مبكرة استجابة لمطالب الشعب، ثم تقرر تعطيل البلد عبر شغب على الطرقات وسد ميدان رابعة العدوية وميدان النهضة.
اليوم النظام السوداني أحد أقدم الأنظمة التي حكم الإخوان فيها، تغلغلوا في السلطة وانتشر أبناء حسن الترابي في كل مفاصلها، وبالتأكيد أن الشكل الذي انتقلت به السلطة لا يعجبهم، وهو شكل مميز على مستوى تجارب انتقال الحكم في الجمهوريات العربية، عبر تشكيل مجلس رئاسي بين المدنيين والعسكر.
أيضا هذا الانفتاح الذي بدأت السودان تخطو خطواته نحو العالم ونحو المحيط العربي، والإشارات الإيجابية من واشنطن نحو رفع العقوبات والوعد بتقديم المساعدات، يعني أن المواطن السوداني سيشعر بتغير عن مرحلة البشير، وتحسن في الأوضاع المعيشية، مما يصعب على الإسلاميين العودة للحكم لاحقا.
وبالتأكيد هناك أطراف إقليمية لا يسعدها هذا التغير في توجهات الخرطوم، فقد كانت السودان ضمن خط تركيا- قطر لفترة كبيرة، مما منح تركيا قاعدة في جزيرة سواكن السودانية، قبل أن يطلب منهم النظام الجديد المغادرة، أما بالنسبة لقطر فقد كان موقف السودان التابع لها مضمونا، حتى في منظمة اليونسكو.
ولهذا يمثل استهداف حمدوك مثالا على الانفتاح الذي لا ترحب به جماعة الإخوان المسلمين وداعموها، كخبيرٍ اقتصادي وكونه الأمين العام السابق للجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة، مما يجعله شخصية تحظى باحترام أفريقي ودولي.
من جهة أخرى تؤكد عملية الاغتيال أن الحديث عن حركات إسلام سياسي معتدلة، وأخرى عنفية، غير دقيق، فهم شيء واحد تختلف ممارساته داخل السلطة عن خارجها.
* كاتب سعودي
Twitter: @aAltrairi
Email: me@aaltrairi.com
حيث يقول بعد مئتي متر من مغادرتي المطار، اعترض موكبي سيارة فان زرقاء، وكان هناك مسلحون على الأرض، فطلبت من السائق العودة مباشرة للمطار، وقال عن المتسبب في الجريمة، كنا نعلم أن بن لادن وجماعته متواجدون في الخرطوم، ونعلم أنهم يرسلون الإرهابيين للقيام بعمليات في الصحراء.
هذه العملية تأتي ضمن خمس محاولات استهداف للرئيس، كان يقف وراءها تنظيم القاعدة وجماعة الجهاد، وعملية في مرسى مطروح وقفت وراءها الجماعة الإسلامية.
وبالطبع اغتيل قبله الرئيس أنور السادات، من قبل خالد الإسلامبولي والذي تسمي إيران شارعا باسمه، في حادثة معروفة سميت بحادث المنصة.
اليوم نستذكر عمليات الاغتيال في مصر، مع محاولة اغتيال عبدالله آدم حمدوك رئيس وزراء الحكومة الانتقالية في السودان، والذي يمثل الوجه المدني لما بعد نظام البشير.
الإخوان المسلمون وكما في كل مكان أخذوا فيه بعضا من السلطة، لا يعتبرون الديمقراطية إلا تذكرة باتجاه واحد، ثم يتحول الصندوق لتابوت لدفن التداول السلمي للسلطة، فعندما تنحى مبارك، كانت الديمقراطية جميلة، وعندما خشيوا من فوز شفيق ملأوا الساحات وهددوا بحرق البلد.
وحين خرج الملايين مجددا لإسقاط حكمهم، أصبحت الثورة الشعبية عداء للديمقراطية، ورفض مرسي ومن يأمره إجراء انتخابات مبكرة استجابة لمطالب الشعب، ثم تقرر تعطيل البلد عبر شغب على الطرقات وسد ميدان رابعة العدوية وميدان النهضة.
اليوم النظام السوداني أحد أقدم الأنظمة التي حكم الإخوان فيها، تغلغلوا في السلطة وانتشر أبناء حسن الترابي في كل مفاصلها، وبالتأكيد أن الشكل الذي انتقلت به السلطة لا يعجبهم، وهو شكل مميز على مستوى تجارب انتقال الحكم في الجمهوريات العربية، عبر تشكيل مجلس رئاسي بين المدنيين والعسكر.
أيضا هذا الانفتاح الذي بدأت السودان تخطو خطواته نحو العالم ونحو المحيط العربي، والإشارات الإيجابية من واشنطن نحو رفع العقوبات والوعد بتقديم المساعدات، يعني أن المواطن السوداني سيشعر بتغير عن مرحلة البشير، وتحسن في الأوضاع المعيشية، مما يصعب على الإسلاميين العودة للحكم لاحقا.
وبالتأكيد هناك أطراف إقليمية لا يسعدها هذا التغير في توجهات الخرطوم، فقد كانت السودان ضمن خط تركيا- قطر لفترة كبيرة، مما منح تركيا قاعدة في جزيرة سواكن السودانية، قبل أن يطلب منهم النظام الجديد المغادرة، أما بالنسبة لقطر فقد كان موقف السودان التابع لها مضمونا، حتى في منظمة اليونسكو.
ولهذا يمثل استهداف حمدوك مثالا على الانفتاح الذي لا ترحب به جماعة الإخوان المسلمين وداعموها، كخبيرٍ اقتصادي وكونه الأمين العام السابق للجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة، مما يجعله شخصية تحظى باحترام أفريقي ودولي.
من جهة أخرى تؤكد عملية الاغتيال أن الحديث عن حركات إسلام سياسي معتدلة، وأخرى عنفية، غير دقيق، فهم شيء واحد تختلف ممارساته داخل السلطة عن خارجها.
* كاتب سعودي
Twitter: @aAltrairi
Email: me@aaltrairi.com